المساجد في ظل انتشار كورونا
فوتو: ارشيف
2020-04-16
3991 مشاهدة
ديجيتال ميديا إن آر تي
يحل شهر رمضان هذا العام في ظروف استثنائية، مع تفشي وباء كورونا، وفرض العزل المنزلي في العديد من الدول ذات الغالبية المسلمة، وبات واضحا انه بعد إعلان كورونا وباء عالميا، فأن الشعائر الدينية هي الأكثر تأثرا بانتشار العدوى.
وبحسب تقرير لشبكة بريطانية نشر أمس الأربعاء، 15 نيسان 2020، فانه للمرة الأولى في التاريخ الحديث، تخلو ساحة الحرم المكي في السعودية بالكامل من المصلين، وتعلق العمرة إلى أجل غير مسمى، وتطلب السعودية من الراغبين بالحج تأجيل حجوزاتهم لموسم الحج المقبل في الوقت الراهن، كما توقفت الزيارات إلى العتبات الدينية في العراق وإيران، ولم يبدأ الخبراء بعد بإحصاء الخسائر التي مني بها قطاع السياحة الدينية.
وأضاف التقرير انه "بعدما انعكست إجراءات العزل بشكل ملحوظ على فترة الصوم الكبير وعيد الفصح لدى المسيحيين، تزداد الخشية من أن تلقى شعائر رمضان المصير نفسه أواخر الشهر الحالي".
وصدرت عن دار الإفتاء المصرية فتوى أباحت للمصابين والأطقم الطبية الذين يواجهون فيروس كورونا الإفطار "إذا وقع عليهم ضرر جراء الصيام"، مشددة في الوقت نفسه على استمرار وجوب الصيام على كل قادر بحسب قواعد الشريعة الإسلامية.
كما عقدت "لجنة البحوث الفقهية" في الأزهر اجتماعا مع أطباء وممثلين عن منظمة الصحة العالمية وعدد من علماء الشريعة بالأزهر، وخلصت إلى أنه لا يوجد وقد انتهت اللجنة إلى أنه لا يوجد دليل علمي - حتي الآن - على وجود ارتباط بين الصوم والإصابة بفيروس كورونا المستجد، وعلى ذلك تبقى أحكام الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بالصوم على ما هي عليه من وجوب الصوم على كافة المسلمين، إلا من رخص لهم في الإفطار شرعا من أصحاب الأعذار.
وحتى الآن، لا يوجد دراسات علمية موثقة يمكن الاستناد اليها للقول بأن الصوم يمكن أن يؤثر على احتمالات اصابتنا بالفيروس المستجد، سلبا أو إيجابا، بحسب خبراء في مجال الصحة والغذاء.
وهناك دراسات تشير إلى أن الصوم لأكثر من 14 ساعة يقوي جهاز المناعة، وذلك أحد الأهداف الصحية من الحميات الغذائية الرائجة والمسماة بالصوم المتقطع، والتي تفيد أيضا في تخليص الجسم من السموم. لكنها ليست دراسات كافية للاستناد عليها في منح توجيهات لملايين ممن ينوون الصوم.
من جهتها، كانت توجيهات منظمة الصحة العالمية حول الوقاية من العدوى واضحة، وتتضمن تعليمات بطهو الطعام بشكل جيد، من دون ذكر للانقطاع عن الأكل أو الصوم.
واستند الأزهر على تلك التعليمات، حين أعلن في فتوى صدرت مطلع الشهر الحلي أن "الحديث عن إفطار المسلم كإجراء وقائي بترطيب الفم للحماية من العدوى، سابق لأوانه"، وقال الأزهر "يرجع في حكم ذلك للأطباء الثقات وما يرونه، للحفاظ على صحة الإنسان، فهم أهل الاختصاص في هذه المسألة، وقرارهم ملزم لكل صائم مسلم بالإفطار من عدمه".
ويجيز الإسلام للمسافرين والمرضى أن يفطروا رمضان، كما يحث على حفظ النفس وصيانتها ومنع الضرر عنها. على ضوء ذلك، تشير فتوى الأزهر إلى أن "منظمة الصحة العالمية لم تثبت بعد أن ترطيب الفم يقي من عدوى كورونا، لذلك لا يجوز للمسلمين الإفطار في رمضان إلا إذا ثبت علميا أن لعدم شرب الماء تأثيرا صحيا على الصائمين كإجراء وقائي لهم من الإصابة بهذا المرض بالإفطار في رمضان".
أما الشيخ عكرمة صبري خطيب المسجد الأقصى، ومرجعيات دينية أخرى، فقد حثوا على تقديم الزكاة قبل موعدها المحدد لمساعدة المحتاجين والفقراء خلال أزمة كورونا.
واعتبر شيخ الأزهر أحمد الطيب، أن الالتزام بتعليمات الوقاية من العدوى، "واجب شرعي"، كما أفتى الأزهر بأن من مات بفيروس كورونا، له أجر "شهداء الآخرة"، متفقا بذلك مع فتوى المرجع الديني الأعلى الشيعي علي السيستاني، الذي أعلن أنه يرجى لمن ضحى بحياته من الطواقم الطبيّة في مكافحة الوباء، "أجر الشهيد".
وسبق أن حل شهر الصوم وموسم الحج في فترات أوبئة خلال التاريخ، وتعطلت مواسم الحج بسبب الطاعون والكوليرا قديما.
وفي فتوى مفصلة حول تأثّر الشعائر بوباء كورونا، أشار الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القره داغي، إلى حديث صحيح مسلم الذي يشير إلى تحريم دخول الأرض التي يحل بها الطاعون أو الخروج منها.
وأضاف "لم يسجل التاريخ -حسب علمي - أن فريضة الحج قد تعطلت كليا بسبب الطاعون ونحوه، لكن تعطلت بسبب القرامطة لعدة سنوات، لأنهم منعوها إبان حكمهم البغيض كما تعطلت في بعض البلدان بسبب الطاعون والوباء في بعض الأحيان. وفي عام 2009م لما انتشرت انفلونزا الخنازير ظهرت بعض الفتاوى بمنع الحج، ولكن السعودية درست الموضوع فقهيا وطبيا، وتوصلت إلى أن الخطورة ليست مؤكدة أو محققة لذلك لم تمنعه".
وفي حالة وباء كورونا الراهن، ومع فتوى الأزهر بعدم إمكان الإفطار كإجراء وقائي، فإن تأثير الفيروس على الشعائر الدينية لن يطال الصيام بحد ذاته، لكنه سيلغي كل ما يرافقه من صلوات، وتراويح، وأدعية، ولقاءات عائلية، وتجمعات احتفالية، ومع اتفاق عدد كبير من علماء الدين على اعتبار عدم التجمع واجبا شرعيا، سيكون على الناس الصلاة في بيوتهم على الأرجح، والتخلي عن عاداتهم المصاحبة من موائد سحور وعزائم.
ر.إ