عناوین:

تقرير يسلط الضوء على أبرز تداعيات الانسحاب الأمريكي على التوازن الاستراتيجي في سوريا

سيكون له تأثير على الوضع الأمني العراقي
قوات أمريكية في شرق سوريا
فوتو: أرشيف
2018-12-23

2176 مشاهدة

ديجيتال ميديا ان ار تي

سلط مركز صنع السياسات للدراسات الاستراتيجية، الضوء على تداعيات الانسحاب الأمريكي من سوريا على التوازن الاستراتيجي فيها، حيث تطرق إلى القواعد الأمريكية في المنطقة وأعداد القوات المنتشرة فيها ومهامها.

وذكر تقرير للمركز نشر، أمس السبت، 22 كانون الأول 2018، ان قرار واشنطن سحب قواتها من سوريا أثار جدلا واسعا على الصعيد الإقليمي والدولي لما له من تداعيات قد تضيف تعقيدات جديدة على الساحة السورية وابرز هذه التداعيات، هي:

1- إعادة تشكيل تنظيم داعش خاصة وانه لازال يسيطر على مناطق في حوض الفرات بعد رفع أدوات الضغط الأمريكي عليه سيما وان القرار شمل إيقاف الضربات الجوية ايضا.

2- إعادة صياغة قواعد الاشتباك بين الفاعلين الأساسيين في سوريا وبالتالي قد ينتج مخالفات جديدة من اجل السيطرة على مناطق الشرق السوري واحتمال استمرار توجه الكرد نحو دمشق ليشكلوا حلف ثالث في وقت يطمح الجيش السوري الحر الوصول الى مناطق النفط في دير الزور والحسكة والتي تدعمهم تركيا وهذا ما قد يؤثر على مسار استانا وسوتشي واتفاقات خفض التصعيد في مناطق ادلب وقد طلبت الوحدات الكردية تدخل الحكومة السورية لمنع استهدافها من قبل تركيا.

3- اتساع رقعة الانقسامات بين المكون العربي في مناطق شمال وشرق الفرات حيث تنقسم تلك العشائر بين من هو معارض له لتدعمه تركيا وقد تؤدي الى حدوث فوضى يستفاد منها تنظيم داعش.

4- كان من بين اهداف الوجود العسكري الأمريكي حماية إسرائيل من التهديدات الإيرانية والميليشيات المرتبطة بها وقد تجد إسرائيل نفسها في مواجهة هذه التهديدات بمفردها مما يستدعي منها القيام بعمليات عسكرية في محاولة لعدم كسر التوازن.

5- ان اهم هذه التداعيات سوف تكون على الوضع الأمني العراقي اذ كان للقوات الامريكية  كان دور كبير في حماية ومراقبة الحدود السورية العراقية مما يضيف أعباء عملياتيه وامنية على العراق لحماية حدوده مع سوريا من اختراق تنظيم داعش وقد تنخرط القوات العراقية بعمليات داخل العمق السوري.

6- العملية العسكرية التركية المؤجلة والتي جهزت القوات التركية كامل ادواتها قد تنطلق بعد رفع العائق الأساس وهو انسحاب القوات الامريكية.

7- إعادة الطموحات الإيرانية لفتح الممر الاستراتيجي من إيران والعراق وسوريا وصولا الى لبنان وقد يؤدي الى اجتياز الفرات الذي يقسم دير الزور الى نصفين والتي تقع ضمن الممر الاستراتيجي الإيراني.

8- اتساع رقعة المناورة الروسية العسكرية والسياسية والدبلوماسية والتي كانت تعتبر وجود القوات الامريكية في سوريا عائقاً امام الحل السياسي.

9-قد تحدث خلافات حول من سوف يملئ الفراغ ويسيطر على المناطق بعد خروج القوات الامريكية فهل ستقبل روسيا والنظام السوري وإيران بسيطرة تركيا عليها مع الجيش السوري الحر ومن جهة أخرى هل ستقبل تركيا بسيطرة دمشق عليها.

10-زيادة التوجس والتعلق ليس فقط لاسرائيل بل لبعض دول الخليج خاصة وان التواجد الأمريكي كان بمثابة درع وتهديد لإيران وتعتبر هذه الدول الوجود العسكري الأمريكي في سوريا حالة من الدعم منها للوقوف ضد إيران.

11- اما تداعياته على أمريكا فهو التخلي عن النفوذ الرئيسي لتحقيق تسوية سياسية وتخلي عن اهم مرتكزات الاستراتيجية الامريكية المعلنة لاحتواء إيران في سوريا.

12- الانسحاب الأمريكي والتخلي عن الوحدات الكردية وبان واشنطن شريك غير موثوق به.

وأضاف التقرير أن الأزمة السورية  دخلت في منعطف آخر جديد بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سحب قواته من سوريا، وهي خطوة اعتبرها الكثير مفاجأة ترامب الاستراتيجية والتي شغلت دوائر القرار في العالم، لأنه خيار سيظهر تأثيره على التوازن في الشمال والشرق السوري بعد أن كانت كل المؤشرات التي تصدر بين كبار المسؤولين الأمريكيين تشير الى أهمية بقاء القوات الامريكية هناك لضمان مرحلة ما بعد داعش وتحقيق التوازن مع الوجود العسكري الروسي وحماية إسرائيل وتحجيم النفوذ الإيراني وخروج المليشيات التي تدعمها في سوريا.

وتابع أن قرار ترامب، أثار تساؤلات عديدة من ناحية التوقيت في ظل عزم انقرة شن عملية عسكرية شرق الفرات ضد القوات الكردية الشريك الأساسي لواشنطن، بالإضافة الى أن تنظيم داعش لازال يتموضع في بعض المناطق في حوض الفرات قرب الحدود العراقية.

وأشار التقرير إلى ان قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من واشنطن، تسيطر على نحو 30 % من مساحة سوريا وهذا يعني أن نفوذ القوات الامريكية في محافظة الحسكة والرقة ودير الزور وبعض أجزاء حلب يشمل 27% بالإضافة الى 3% من منطقة التنف وبنتيجة نسبية فأن نفوذ القوات الامريكية 30% من مجموع مساحة سوريا.

وتابع أن المناطق التي تقع تحت النفوذ الأمريكي تعتبر من أثمن مناطق سوريا بالنفط والغاز والزراعة ومصادر الطاقة والمياه حيث أن 85% من النفط السوري يقع في منطقة دير الزور والحسكة وهي تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية والنفوذ الأمريكي.

وفيما يتعلق بالاستراتيجية الامريكية في سوريا، بين التقرير أن الهدف الأساسي من التدخل الأمريكي في الشرق والشمال السوري كان القضاء على تنظيم داعش، وتركزت الاستراتيجية على دعم الحلفاء المحليين من الكرد والتي شكلت ما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية، والضربات الجوية لاستنزاف قدرات تنظيم داعش، والقيام بعمليات نوعية ضد قيادات التنظيم، إضافة إلى تهيئة قوة تقدر بـ (40) ألف مقاتل من الكرد لمسك الحدود من الجانب السوري ما بين تركيا والعراق.

وأفاد أن ما يشير إلى أن القرار الأمريكي الخاص بالانسحاب قد اتخذ منذ فترة سابقة وكان يجري الاعداد لإعلانه بنحو منسق، هو الاتصالات الحثيثة خلال الأيام القليلة الماضية بين ترامب واردوغان وإعلان الأخير بان هناك "رد إيجابي"، مبينا ان المفاجأة كانت في توقيت اعلان قرار الانسحاب وليس في مضمون القرار حيث حذر وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، بعد نشر ترامب قرار الانسحاب، من أن الانسحاب الوشيك سوف يترك فراغ يملأه الرئيس بشار الأسد وحلفائه.

كما جاء توقيت سحب القوات الامريكية في مرحلة تشهد عزم تركيا للقيام بعملية واسعة شرق الفرات وارسال تعزيزات كبيرة الى الحدود مع سوريا، كما جاء القرار بعد ساعات على إقرار صفقة باتريوت للدفاع الجوي بقيمة 305 مليار دولار بين أمريكا وتركيا، وبعد اعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحفي سنوي بأن العام المقبل سيشهد الحل السياسي في سوريا وتشكيل لجنة صياغة الدستور لسوريا.

وخلص التقرير إلى ان أسباب الانسحاب، هي أنه يأتي تنفيذا لوعود سابقة طرحها ترامب خلال حملته الانتخابية بإسقاط كافة الحروب في الشرق الأوسط والانسحاب من سوريا حال القضاء على تنظيم داعش والذي انتقد سلفه أوباما بأرسال قوات الى هناك، وعامل العلاقات الثنائية بين تركيا وامريكا والتي شهدت خلافات حادة لدعم أمريكا لوحدات الكردية والتي تعتبرها انقرة بأنها قوات تابعة الى تنظيم PKK وتصنفها على انها إرهابية، إضافة إلى التحديات التركية في شن عملية واسعة شرق الفرات ولتجنيب البلدين خطر الصدام العسكري على اعتبار تركيا حليف استراتيجي لا يمكن تفضيل قوات محلية عليها، فضلا عن عدم رغبة ترامب بإرسال قوات أمريكية تحارب كما يقول عن الاخرين بدون شيء وهو طالما كان يذكر (المال مقابل الحماية) حتى مع أقرب حلفائها مثل السعودية وكوريا الجنوبية واليابان.

ويرى مراقبون أن هناك أربعة فائزين من قرار ترامب المستعجل وهم تركيا وسوريا وروسيا وإيران، حيث يعد هذا القرار انتصار لتركيا والتي تدعم المعارضة ضد حكم الرئيس بشار الأسد ، كما أن هذا القرار سوف يخفف من الضغوط على إيران ونفوذها في سوريا في وقت تعاني من فرض عقوبات اقتصادية واسعة وهذا ما يفسر ردة فعل نتنياهو السريعة عقب القرار بان إسرائيل سوف تبذل كل جهودها لمنع إيران من تشكيل قواعد مستدامة في سوريا وأن هذا الانسحاب سوف يترك الان المقاتلين المدعومين إيرانيا في مكانهم.

أما بالنسبة إلى التحديات ما بعد الانسحاب، فتشمل مصير فصائل المعارضة في قاعدة التنف ومصير سكان مخيم الركبان وهو يقع ضمن منطقة النفوذ الأمريكي في الجنوب الشرقي من سوريا والقريب من الأردن ، إضافة لمعتقلي عناصر تنظيم داعش لدى سوريا الديمقراطية والبالغ عددهم 2000 بعد رفض معظم بلدانهم من استعادتهم وهم سوف يشكلون تهديدا خطيرا.

ر.إ

البوم الصور