السلفي السعودي البارز عبد العزيز الريس
فوتو:
2018-10-18
85719 مشاهدة
ديجيتال ميديا ان ار تي
سلط تقرير لموقع "رصيف 22" الضوء على أشهر الفتاوى العصرية لـ "مفتيي السلاطين"، مبينا ان "مفتي السلطان" هو الشخص الذي يشرعن الباطل من أجل الحاكم ويصور الأخير على أنه لا يخطئ، أو على الأقل لا تصح محاسبته على أخطائه.
ونقل الموقع عن المفكر والباحث في شؤون الجماعات الإسلامية كمال حبيب، قوله في التقرير الذي نشر أمس الأربعاء، 17 تشرين الأول 2018، ان الداعية السعودي السلفي البارز عبد العزيز الريس، افتى في وقت سابق خلال أحد دروسه بالمدينة المنورة، في رد على سؤال حول الموقف الشرعي لحاكم، سواء كان ملكا أو رئيسا لدولة، و خرج نصف ساعة يوميا على شاشة التلفاز ليزني ويشرب الخمر على الهواء مباشرة، حيث قال "إذا كنت أمامه أنكر عليه ولو أمام الناس... لكن عليك أن تراعي المصلحة والمفسدة. أما إذا كنت وراءه فلا تذكر اسمه (لا تصريحا ولا تعريضا) ولا تنكر عليه بطريقة تحرض الناس عليه... المطلوب منك شرعا أن تؤلف الناس على ولي الأمر ولا تهيجهم عليه".
وأضاف التقرير أن ما أفتى به الداعية الريس، يندرج ضمن إطار ظاهرة "مفتي السلطان"، وهو ذلك الشخص الذي يشرعن الباطل من أجل الحاكم ويصور الأخير على أنه لا يخطئ، أو على الأقل لا تصح محاسبته على أخطائه، وهو أيضا ذلك العالم الديني الذي يمكن أن يتصل به الرئيس أو الملك ويطلب منه إلغاء حكم شرعي معين أو تحليل الحرام أو تحريم الحرام، فيوافق على طلبه.
وأوضح أن بعض الباحثين يرون ان ظاهرة "مفتي السلاطين" قديمة ووجدت منذ بدايات التاريخ الإسلامي، عندما ظهرت الحكومات المستبدة التي احتكرت الدين، فيما يرى مستشار وزير الأوقاف المصري ووكيل اللجنة الدينية في مجلس الشعب المصري السابق، محمد الصغير، أن هذه الظاهرة نشأت مع بداية ظهور الحاكم المستبد، وإهمال فريضة الشورى.
وأشار التقرير إلى ان أبرز نماذج هؤلاء قديما هم أولئك الذين دخلوا على الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك، وكان قد عزم على السير على منهج ابن عمه عمر بن عبد العزيز، حيث قالوا له إن الخلفاء ليس عليهم حساب، طمعا في دراهمه والتقرب منه، كما ان منهم قاضي قضاة العباسيين أحمد بن أبي دؤاد، الذي قال للخليفة العباسي "اقطع عنق الإمام أحمد بن حنبل ودمه في رقبتي".
من جانبه أكد أستاذ الفقه وأصوله في جامعة المدينة سابقا، الأكاديمي المصري عطية عدلان، أن ظاهرة مفتي السلاطين لم تكن موجودة في صدر الإسلام، وأن هذا السلوك صار ظاهرة في العصور المتأخرة، بعدما انفصل السلطان عن القرآن، مبينا ان "لكل نظام ما يناسبه من هؤلاء المفتين المطبلين".
وبين التقرير أن ظاهرة "مفتيي السلاطين" برزت بالعصر الحديث في السعودية، في بداية تسعينيات القرن الماضي، وتحديدا إبان حرب الخليج الثانية عام 1991 وتأسست تحت أعين الدولة لدعمها ضد التيار الذي كان يرفض دخول الأمريكيين إلى المملكة لحماية السعوديين وكان من أبرز وجوهه سليمان العودة وعائض القرني وسفر الحوالي، حيث أفتى أنصار المداخلة بجواز دخول القوات الأجنبية على أساس أن فيها مصلحة للعامة، وهو ما وافق هوى الحكام.
وبحسب الباحث كمال حبيب فان "هؤلاء يعتبرون تأييد الحاكم أصلا من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة، وأن مخالفة هذا الأصل تعد خروجا على الحاكم المسلم، كما فعل الخوارج، وبالتالي يجوز قتل الخارجين".
وفي حديث منسوب للرسول يقول "ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة"، قال الداعية السلفي الإماراتي محمد بن غيث، إن "كلمة شيئا جاءت نكرة لتعني أن الحاكم يحق له أن يزني ويشرب الخمر، ويسرق، ويأكل الربا، بمعنى قل ما شئت من الموبقات ما عدا الكفر، فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة".
أما الداعية الإماراتي وسيم يوسف، فقد أوضح حينما سئل "هل الخروج على الحاكم الظالم حرام؟" بالقول إن مذهب أهل السنة هو البيعة لولي الأمر أكان ظالما أو عادلا، وعدم الخروج أبدا عليه، إلا إذا مارس كفرا بواحا يمكن إثباته، وبرر فكرة عدم جواز الخروج على حاكم ظالم بأن ذلك يؤدي إلى مظلمة أعظم وإلى ذهاب الأمن واستباحة الدماء وضياع هيبة المسلمين.
وفي فتوى أخرى، قال يوسف إنه لا يجوز الخروج عن الحاكم حتى وإن أباح شرب الخمور والبغاء وعلى المواطن السمع والطاعة في ما يحب وفي ما يكره وأن يكون تحت عصا الحاكم وتحت رايته. بينما وصف الداعية السلفي المصري محمد سعيد رسلان من يتظاهرون ضد الحاكم ويثورون عليه بأنهم "خوارج العصر"، إذ، برأيه، لا يجوز انتقاد سياسة الحاكم والتشهير بإدارته، ولا يجوز حتى تناوله بما لا يليق في الندوات والمحافل، كما يحرم رسلان الانتخابات ويراها بدعة، فولي الأمر المسلم من وجهة نظره لا ينازع في مقامه ولا في منصبه ولا ينافس عليه بل هو باق فيه، لأن الله بوأه إياه، ولا يجوز الخروج عليه ولا منازعته في الأمر، على حد قوله.
أما الشيخ السعودي علي المالكي فيقول "إن ما يراه الملك هو الصواب حتى وإن رأى أن يقتل ثلث الشعب من أجل أن يسلم الثلث الآخر"، بينما ذهب الشيخ السلفي المصري طلعت زهران إلى أن تزوير الانتخابات واجب شرعي، وأن الله أثاب الرئيس السابق حسني مبارك ثوابا عظيما على تزوير الانتخابات، كما أثاب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر على ذبح القيادي الإخواني سيد قطب في الستينيات.
وخلص التقرير إلى ان "ظاهرة علماء السلطان أو مفتيي السلاطين الذين يلوون أعناق النصوص لتبرير الخضوع للحاكم، هي من ابتلاءات الأمة"، بحسب الباحث في شؤون الإسلام السياسي خالد الأصور، والذي أكد أن "دافع هؤلاء قديم قدم البشرية وهم والحكام يتبعون نظرية العصا والجزرة أي الترغيب والترهيب".
ر.إ