فوتو:
2018-07-01
5070 مشاهدة
NRT
ذكر تقرير لـ "رويترز"، الأحد، أن وزارة الاستخبارات الإيرانية أعطت الضوء الأخضر لبعض كبار الشخصيات في قطاع الأعمال والشركات لشراء جوازات سفر من جمهورية جزر القمر لتسهيل السفر والمعاملات المالية.
وقالت الوكالة في تقريرها الذي نشر اليوم، 1 تموز 2018، إن جزر القمر ألغت في شهر كانون الثاني الماضي، مجموعة من جوازات السفر التي اشتراها أجانب خلال السنوات القليلة الماضية، ولم تنشر السلطات في هذا البلد الصغير الواقع قبالة ساحل شرق أفريقيا تفاصيل عن السبب وراء هذا القرار واكتفت بالقول إن "هذه الجوازات صدرت بشكل غير مناسب"، لكن قائمة سرية بأسماء من حصلوا على جوازات السفر تشير إلى أن هذه الخطوة وراءها دوافع أكبر مما أعلنته السلطات.
وبحسب " رويترز" فأن أكثر من 100 من بين 155 شخصا ألغيت جوازات سفرهم الصادرة من جزر القمر كانوا إيرانيين، وكان من بين هؤلاء عدد من كبار المديرين التنفيذيين في الشركات التي تعمل في مجالات الملاحة والنفط والغاز والعملات الأجنبية والمعادن النفيسة، وهي المجالات التي تستهدفها جميعا عقوبات دولية مفروضة على إيران، حيث اشترى بعض هؤلاء أكثر من جواز سفر صادر من جزر القمر.
وأوضح التقرير أن " دبلوماسيين ومصادر أمنية في جزر القمر والغرب يخشون من أن يكون بعض الإيرانيين قد حصلوا على جوازات السفر لحماية مصالحهم في ظل عقوبات أصابت بالشلل قدرة إيران على تنفيذ أنشطة تجارية على الساحة الدولية".
وتابع أنه على الرغم من أن أيا من هؤلاء الأشخاص أو الشركات ليسوا هدفا للعقوبات إلا أن القيود على إيران ربما تجعل من حمل جواز سفر آخر أمرا مفيدا، حيث تتيح جوازات السفر الصادرة من جزر القمر إمكانية السفر دون تأشيرة إلى مناطق في الشرق الأوسط والشرق الأقصى، ويمكن أن يستخدمها إيرانيون لفتح حسابات في بنوك أجنبية وتسجيل شركات في الخارج.
ووفقا لمصادر مطلعة فان الحكومة الإيرانية لا تسمح رسميا لمواطني البلاد بحمل جواز سفر ثان، لكن مصدرا إيرانيا مطلعا على عمليات شراء جوازات السفر الأجنبية، قال إن "وزارة الاستخبارات الإيرانية أعطت الضوء الأخضر لبعض كبار الشخصيات في قطاع الأعمال والشركات للحصول على هذه الجوازات لتسهيل السفر والمعاملات المالية"، فيما لم يصدر أي رد من جانب الحكومة الإيرانية بهذا الخصوص.
ونقلت "رويترز" عن وزير الداخلية السابق في جزر القمر، حميد مسيدي، والذي كان في منصبه أثناء إصدار بعض هذه الجوازات، قوله إن "لديه شكوكا في أن بعض الإيرانيين الذين يحاولون استغلال جزر القمر للالتفاف على العقوبات"، وأضاف أنه ضغط من أجل إجراء مزيد من عمليات المراجعة والتدقيق قبل منح جوازات السفر للأجانب لمكنه لم يقدم تفاصيل.
من جانبه أفاد كينيث كاتزمان، خبير الشرق الأوسط في خدمة أبحاث الكونغرس بالولايات المتحدة، ان "جزر القمر كانت واحدة من بين عدة دول أفريقية تحاول إيران أن يكون لها بها نفوذ دبلوماسي وتجاري، لأن الحصول على جوازات سفر من جزر القمر سيسمح لهم بالقيام بأشياء دون اكتشاف أنهم إيرانيون".
ووفقا لقاعدة بيانات جوازات السفر في جزر القمر التي اطلعت عليها "رويترز" اشترى، في المجمل، أكثر من ألف شخص ولدوا في إيران جوازات سفر من جزر القمر في الفترة من 2008 وحتى 2017 ، واشترى غالبية هؤلاء الجوازات بين 2011 و 2013 عندما تم تشديد العقوبات الدولية على إيران وخاصة على قطاعي النفط والمصارف، ومن بين الأجانب الآخرين الذين اشتروا جوازات سفر من جزر القمر سوريون وأفغان وعراقيون وصينيون وبضعة أشخاص من دول غربية.
وكانت جزر القمر تقيم علاقات مع إيران ما بين عامي 2006و 2011، حيث درس رئيس البلاد خلال تلك الفترة، أحمد عبد الله محمد سامبي، لسنوات في مدينة قم الإيرانية، وكان هناك إيرانيون من بين حراس سامبي الشخصيين، وكان بعض أهل البلاد يصفونه بأنه "آية الله جزر القمر"، بحسب بحث أجراه مركز "تشاتام هاوس ".
وأشار تقرير "رويترز" إلى انه ووفقا لبيانات أخرى فقد بيع أكثر من 300 ألف جواز سفر من جزر القمر إلى إيرانيين عندما كان سامبي في السلطة، حيث لم يرد الأخيرعلى طلبات للتعليق، واستجوبت سلطات إنفاذ القانون في جزر القمر الرئيس السابق سامبي، في إطار تحقيقاتها في برنامج الجنسية الاقتصادية، وهو الآن قيد الإقامة الجبرية في منزله منذ 19 أيارالماضي، بعد اتهام الحكومة له بالتحريض على اضطرابات.
واستمرت عمليات بيع جوازات السفر في ظل إدارة الرئيس الذي خلف سامبي في الحكم، وهو إكيليلو ظنين، الذي ظل في المنصب من عام 2011 إلى عام 2016، ووفقا لبيانات، فإن من بين الإيرانيين الذين اشتروا جوازات السفر الصادرة من جزر القمر بينما كانت إيران تتعرض لعقوبات في الوقت الذي كان فيه إكيليلو في السلطة هم، مجتبى عرب محقي، الذي قالت الحكومة في عام 2011 إنه أحد كبار مديري قطاع النفط الإيراني، وحصل محقي على جواز سفر من جزر القمر في أكتوبر تشرين الأول عام 2014 عندما كان رئيسا لمجلس إدارة شركة سفير جوستار هامون، كما حصل المدير المالي للشركة ناصر معصوميان، هو أيضا إيراني، على جواز سفر من جزر القمر في اليوم الذي حصل فيه محقي على جواز سفره، وحصل محمد صادق كوفيح، رئيس شركة كوفيح للموانئ والخدمات البحرية، أيضا على جواز سفر من جزر القمر في عام 2015.
وشهد مطلع العام 2016 سياسة خارجية مختلفة لجزر القمر، حيث قامت بقطع العلاقات مع طهران ودعمت بدلا من ذلك السعودية ودول الخليج الأخرى التي على خلاف مع إيران، وفي أيار الماضي وصلت إدارة جديدة بزعامة عثمان غزالي، إلى السلطة واستمرت في انتهاج هذه السياسة الجديدة، وشكلت لجنة برلمانية في العام 2017 للتحقيق في البرنامج الذي يقدم الجنسية للبدون في دولة الإمارات العربية والكويت.
وخلص هذا التحقيق،الذي ورد في تقرير نشر في أوائل 2018 ، إلى أن دولة الإمارات أبلغت جزر القمر في 2013 إن مئات من جوازات السفر بيعت لأجانب خارج برنامج جوازات السفر الصادرة للبدون.
وأكد مصدر أمني بجزر القمر، ان أجهزة المخابرات بجزر القمر تلقت تقارير عن أشخاص قتلوا في ساحات المعارك بالعراق وسوريا والصومال في السنوات الأخيرة وكانوا يحملون جوازات سفر صادرة من الجزر، حيث أفاد المصدر ان هذه كانت إشارة إلى مدى انتشار بيع جوازات السفر الصادرة في جزر القمر.
وأثار حجم هذه المبيعات التي شملت مئات من جوازات السفر قلق الدبلوماسيين الدوليين الذين يراقبون الوضع في جزر القمر، حيث قال مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية في المنطقة على اطلاع على برنامج جوازات السفر لـ "رويترز" ، نعتقد أن جزر القمر لم تفعل أي شيء للتدقيق في الأشخاص الذين يحصلون على جوازات السفر التي تصدرها.
وأضاف أن السلطات الفرنسية تشعر أيضا بقلق لأن آلافا من حاملي جنسية جزر القمر يقيمون في فرنسا كما أنهم يسافرون بشكل منتظم نسبيا بين الدولتين.
وكان وزير داخلية جزر القمر، محمد داود، أكد في تصريحات صحفية الشهر الماضي، ان " فضيحة بيع جوازات سفر جزر القمر تحولت إلى مشكلة دولية"، وتابع "إنها مسألة متعلقة بالإرهاب... إنه ليس أمرا متعلقا بالكثير من الأموال فحسب بل أيضا الأمن على مستوى دولي".
ر.إ